باب فضل التوحيد

قال تعالى في سورة الأنعام: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أيّنا لم يظلم نفسه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه:{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}".

رواه البخاري.

وقال تعالى في سورة النور: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنّة حق والنّار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل".

وفي رواية: "من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء".

رواه البخاري.

قلت: وقوله "وروح منه" أي: أن روحه من الله، كما أن سائر الخلق أرواحهم من الله تعالى، فأرواح الخلق كلها من الله عز وجل، أوجدها مما شاء سبحانه وتعالى، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤكد أن عيسى بن مريم عليه السلام ليس إلهاً کما يدعي النصارى، وإنما هو خلق من خلق الله، كسائر المخلوقات.

وقول الحواريين لعيسی: يا روح الله. إقرار منهم بأنه ليس إله، بل مخلوق، وأن روحه من الله، كما أن سائر الخلق أرواح من الله.

وعن عبادة الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، حرّم الله عليه النّار". 

رواه مسلم.

وقوله: "حرّم الله عليه النّار" أي: الخلود فيها.

وعن عتبان بن مالك الانصاري رضي  الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قد حرّم على النّار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله". 

رواه البخاري.

وعن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى: ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقُرابها مغفرة".

رواه الترمذي.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاذ رديفه على الرحل، قال: "يا معاذ بن جبل". قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: "يا معاذ". قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا، قال: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه، إلا حرمه الله على النار". قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: "إذا يتكلوا". 

قال أنس: وأخبر بها معاذ عند موته تأثما.

رواه البخاري ومسلم.