باب الإيمان بالقدر

عن جابر رضي الله عنه قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله، بيّن لنا دیننا کأنّا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جفّت به الأقلام وجرت به المقادير، أم فيما يُستقبل؟ قال: "لا، بل فيما جفّت به الأقلام وجرت به المقادير". قال: ففيم العمل؟! فقال: "اعملوا فكل ميسّر".

وفي رواية: "كل عامل میسّر لعمله".

رواه مسلم.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، أرأيت ما نعمل فيه، أمر مبتدأ، أو  فيما فرغ منه؟ فقال: فرغ منه يا ابن الخطاب، وكل ميسّر، أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء. 

رواه الترمذي. 

وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا غلام، إني أعلمك كلمات، أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف". 

رواه أحمد والترمذي. 

وقال طاوس: أدركت أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس، أو الكيس و العجز. 

رواه مسلم. 

وعن أمين الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي. فقال: لو أن الله عذب أهل سماوته وأهل أرضه، لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهباً في سبيل الله، ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطاك لم يكن ليصبك، ولو متّ على غير هذا أدخلت النار. قال: ثم أتيت عبدالله بن مسعود فقال مثل ذلك. قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك. قال: ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. 

رواه أبو داود. 

وعن الوليد بن عبادة الصمت قال: دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت. فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي. فقال: أجلسوني. فقال: يا بنيّ، إنك لن تطعم طعم الإيمان ولن تبلغ حق حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره. قلت: يا أبتاه، فكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره. فقال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيك، وما أصابك لم يكن ليخطئك. يا بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم، ثم قال: أکتب. فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة". يا بني، إن متّ ولست على ذلك دخلت النار. 

رواه أحمد والترمذي. 

وعن عبدالله مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقة في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يوصل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، کتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم يعمل عمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة  فيدخلها".

رواه البخاري.