باب أن أكثر العلماء هم سبب تبدیل شرائع الله

عن يزيد بن عميرة، أنه سمع معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول في كل مجلس: هلك المرتابون، إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن، حتى يأخذه الرجل والمرأة والحُرّ والعبد والصغير والكبير، فيوشك الرجل أن يقرأ القرآن في ذلك الزمان فيقول: ما بال الناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟! فيقول: ما هم بمتّبعي، حتى ابتدع لهم غيره. فإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة". 

رواه الآجري في الشريعة. 

وعن عدي بن حاتم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: "يا عدي، أطرح هذا الوثن من عنقك". قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في سورة براءة، فقرأ هذه الآية: (ٱتَّخَذُوۤا۟ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَـٰنَهُمۡ أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِ) قال: قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم! فقال: "أليس يحرّمون ما أحلّ الله فتحرمونه، ويحلّون ما حرّم الله فتحلّونه؟" قال: قلت: بلى. قال: "فتلك عبادتهم". 

رواه الترمذي والطبراني. 

وعن حذيفة أنه سئل عن قوله: (ٱتَّخَذُوۤا۟ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَـٰنَهُمۡ أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِ) هل كانوا يعبدونهم؟ قال: لا، كانوا إذا أحلّوا لهم شيئاً استحلّوه، وإذا حرّموا عليهم شيئا حرّموه. 

رواه الطبري. 

وعن أبي البختري في قوله: (ٱتَّخَذُوۤا۟ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَـٰنَهُمۡ أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِیحَ ٱبۡنَ مَرۡیَمَ وَمَاۤ أُمِرُوۤا۟ إِلَّا لِیَعۡبُدُوۤا۟ إِلَـٰهࣰا وَ ٰ⁠حِدࣰاۖ لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ عَمَّا یُشۡرِكُونَقال: أطاعوهم فيما أمروهم به، من تحريم حلال، وتحليل حرام، فعبدوهم بذلك. 

رواه ابن أبي شيبة. 

قلت: فعلى المسلم أن يكون حريصاً، وأن يتثبت عند سؤال العلماء في ما يفتونه به من أمر دينه، بمطالبتهم بالدليل من الكتاب والسنة، فإن كان لقولهم حجة في كتاب الله تعالى أخذ به وإلا تركه، ولا يعتمد على أراء العلماء، فإن رأي أكثر العلماء فيه الهلكة، وليسأل العبد ربه الهداية دائما.