باب أن الإسلام والتوحيد هو دين الفطرة التي فطر الله العباد عليها

قال تعالى في سورة الروم: (فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفࣰاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِی فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَیۡهَاۚ لَا تَبۡدِیلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ)

وعن عياض بن حمار الجاشعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فيما يرويه عن ربه عز وجل: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي: کلُّ مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمَرَتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا" .. الحديث.

رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو مجّسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء؟". 

رواه البخاري.

قلت: ولم يقل ويؤسلمانه، فدل ذلك على أن دين الفطرة هو دين الإسلام، ولا يعني هذا أن العبد عندما يولد يكون عارفا بشرائع الإسلام، وإنما المراد أن العبد عندما يولد يكون مفطوراً على ثلاث مسائل: آن له رباً، وأن ربه في السماء، وأن ربه هو الملجأ والمفزع والملاذ عند النوائب، وأن ربه بيده كل شيء، وأنه قادر على التمييز بين ما هو من فعل الخير وما هو من فعل الشر، وبين ما هو حسن وما هو قبيح، وإن كان معرفة بعض الحسن والقبيح لا يمكن إلا من خلال الوحي، إلا أن منه ما يمكن تمييزه بالعقل الصحيح والفطرة السليمة.