قال تعالى في سورة التوبة: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)
وقوله: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) أي: مات على الشرك؛ لأنه قبل الموت لم يكن يدري بماذا يختم له، فقد يختم له بالإسلام، وأما إذا مات على الشرك، فهذا يعني أنه عدو لله تعالى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي".
رواه مسلم.
وعن عصمة بن راشد عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: رحم الله رجلاً أستغفر لأبي هريرة ولأمه. قلت: ولأبيه. قال: لا، إن أبي مات وهو مشرك.
رواه الطبري.
قلت: هذا فيمن مات على الشرك، أما من لم يمت فيجوز الدعاء له بالمغفرة والهداية.
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
رواه البخاري.
فلو لم يكن الدعاء للمشركين جائز في حياتهم وقبل مماتهم، لما دعا لهم نبيهم بالمغفرة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأن دوساً قد هلكت، عصت وأبت، فادع الله عليهم، فظن الناس أنه يدعو عليهم فقال: "اللهم اهد دوساً وأت بهم".
رواه البخاري.