قال تعالى في سورة طه: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى)
وقال بعض السلف: الاسم هو المسمى.
قلت: الاسم من حيث كونه حروف وأصوات، فهو للمسمى، ومن حيث كونه يدل على ذات المسمى، فهو ذات المسمى؛ لأنك عندما تدعو الشيء باسمه، فإنما تريده بذاته، ولا تريد شيئاً غيره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلّا واحداً، من أحصاها دخل الجنّة". اهـ
وفي رواية: "من حفظها دخل الجنّة، وهو وتر يحب الوتر". اهـ
رواه البخاري.
قال أهل العلم: معنى أحصاها، ومعنى حفظها، يعني: أتقنها، وتدبر معانيها، وعمل بمقتضاها، أما من أحصاها ولم يعمل بمقتضاها ولم يؤمن بها، فإنها لا تنفعه. اهـ
قلت: وكل اسم من أسماء الله تعالى، يحمل صفة من صفات ذاته أو أفعاله المقدّسة، ولله عز وجل صفات لم يتسمى بها، ذكرها في كتابه العزيز، وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فيما صحّ عنه من أحاديث، وصفات الله من الله، وليس من الله شيء مخلوق، والواجب أن نفهم من صفات الله تعالى وتقدس، ما يفهمه عوام المسلمين، فالله تبارك وتعالى، أنزل القرآن العظيم، والسنة النبويّة المطهّرة، على أمّة أمّيّة، لا يفهمون من الكلمات، إلا ما ظهر من معانيها، فلا يجوز نفي معاني صفات الله تعالى، ولا تأويلها على غير ما ظهر من معانيها، التي تعرفها العرب من كلامها، كما لا يجوز تشبيه الله تعالى، أي: تمثيله، بشيء من خلقه، أو تكييف صفاته، بما لم يأتي به النقل عن الله أو عن رسوله، عملاً بقوله تعالى في سورة الشورى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ولا يعني هذا نفي الشبه من جميع الوجوه، ولكن صفات الله تعالى، لا يشبهها شيء، في كنهها، وفي كمالها وجمالها وجلالها وعظمتها وبهائها وسنائها، فالمراد بنفي الشبه هنا، هو نفي المماثلة، فمن عطّل صفات الباري سبحانه، أو تأولها على غير تأويلها، أو شبهها بصفات المخلوقات، فقد أبعد النجعة، وزاد في الشقّة، وتكلّف ما لا علم له به، وضلّ عن سواء السبيل.