قال الله تعالى في سورة الجنّ: (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلاَّ بَلاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أنزل الله عزّ وجلّ: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قال: "يا معشر قريش -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبدمناف، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبدالمطّلب، لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفيّة عمّة رسول الله، لا أغني عنكِ من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئتِ من مالي، لا أغني عنكي من الله شيئا". اهـ
رواه البخاري.
قلت: وفي هذا الحديث فائدتنا عظيمتان:
أولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يقدر على نفعنا أو ضرّنا، إلّا فيما يقدر عليه عامّة الناس، فما لا يقدر عليه عامّة الناس، فإن النبي لا يقدر عليه، والدليل قوله: "سليني ما شئتِ من مالي" أي: أنه لا يقدر على اغاثتها أو اعانتها أو اعاذتها، إلّا فيما يقدر عليه عامّة الناس فقط.
وثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خليل الرحمن، وصفوته من خلقه، وخاتم أنبياءه، وسيّد الأولين والأخرين، لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضرّاً، في حياته، فكيف بعد مماته! وما بالكم بمن هو دونه صلى الله عليه وسلم، من الأنبياء، والأولياء، والمشايخ، والرؤساء، هل يعقل أن يملكوا لنا ما لا يستطيع نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يملكه لنفسه ولا لغيره؟!