باب النهي عن الاستغاثة والاستعانة والاستعاذة بغير الله تعالى

والاستغاثة والاستعانة والاستعاذة من الدعاء.

قال الله تعالى، موجهاً عباده المؤمنين، في سورة الفاتحة: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

قال عبدالله بن عباس رضي الله عنه: قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إياكَ نُوحِّد ونخاف ونرجو، يا ربَّنا لا غيرك. وقوله: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) على طاعتك وعلى أمورنا كلها. اهـ

رواه ابن أبي حاتم.

وعن قتادة قال: "يأمركم أن تخلصوا له العبادة، وأن تستعينوه على أمركم". اهـ

رواه ابن أبي حاتم.

وقال تعالى في سورة آل عمران: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)

وقال تعالى في سورة الأنفال: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)

وقال تعالى في سورة الأعراف: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)

قلت: فهذه هي صفات المؤمنين المخلصين من عباد الله تعالى، لا يستغيثون، ولا يستعينون، ولا يستعيذون، إلّا بالله تعالى في جميع أمورهم، ولا يعني قولي أن نفرد الله تبارك وتعالى بالاستغاثة والاستعانة والاستعاذة، أن نبطل الأسباب التي خلقها الله لنا، لنتسبب بها، فإن الاستغاثة والاستعانة والاستعاذة بالمخلوق فيما يقدر عليه المخلوق من أمور الدنيا جائز شرعاً وعقلاً، ولكن تؤمن إيماناً صادقاً، أن هذه الأسباب، لا تنفع ولا تضرّ، إلّا بإذن الله تعالى، فإذا يسّر الله لك شيء، يسّر لك أسبابه، وإذا منع عنك شيئاً منع عنك أسبابه.